6 فبراير 2011

الصمت

ما الذي يغيظكم في الصمت
اللعبة الوحيدة التي أجيدها
أعليّ في كل مرة
أن أرفع كتفيّ وأقلب شفتي السفلى؟
"لا أعرف! أنا حقاً لا أعرف"

إن أصعب دراسة يمكن أن تجريها في أي حقل دراسي، تلك الدراسة التي تجريها على نفسك. مرّ عليّ ما يقارب الـ17 عاماً -أي منذ بدأت أعي "المشكلة"- وأنا أدرس نفسي، ولم أتوصّل حتى الآن إلى دراسة حقيقية يمكن أن أقول فيها "سبب صمتي كذا" أو "توصّل الباحث -الذي هو أنا- إلى عقدة الصمت المتمثلة بكذا".

لست أتضايق من صمتي إلا في وجوده. خاصة تلك اللحظات التي أكون فيها معه على الهاتف ولا أعرف كيف أبقي المكالمة لمدة أطول، ولا أجد كلاماً مناسباً أقوله . هنا، أشعر بالصمت ثقيلاً، أحسّه، أتلمسه مستلقياً على لساني، أحاول ابتلاعه، رميه في مكانٍ ما على طواحيني كما أفعل بالعلكة، ألوكه لكن دون جدوى. وحين أحسه كطفل تعب من ركضي وراءه، يكون الأوان قد فات، ينهي هو المكالمة بكلمات لطيفة، ولا أعرف مجدداً كيف أرد.
على الدوام كان الصمت سبباً لابتعاد الناس عني، "ياما تحت السواهي دواهي" كانوا يقولون. وفي مرات أخرى، يكون العكس، سبباً لاقترابهم مني، ورغبة للتعرف أكثر على هذا الوجه المخفيّ خلف قناعٍ حديديّ.
لكني في النهاية أحبه، أحبه يا جماعة، والله أحبه هذا الصمت الذي يميّزني. أنا هكذا، هكذا صامتة. صامتة. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق